نسخة الجوالة | النسخة الأصلية
JoomlArt.ir JoomlArt.ir JoomlArt.ir
 

مكتبة المؤلفات آل الكرباسي

شريعة الإستنساخ
cloning Legislation
PDF طباعة
Book cover شريعة الإستنساخ
المجموعة: سلسلة الشرايع
Editor: الشيخ حسن رضا الغديري
Pages: 55
Price: £7.99
ISBN: 978-1908286444
المكتبة: مكتبة الإمام الحسين الخاصة - لندن
Location name: بيت العلم للنابهين، بيروت - لبنان
السنة: 2011
Note: Cloning Legislation (Islamic Legislation) [Arabic] Paperback
Visits: 810
User rating:  / 1
PoorBest 
Review
الكاتب: M S Karbasi

دوللی تفتح الأبواب على عالم الأبدان والأرواح

د. نضیر الخزرجی

دولْلِی وما أدراک ما "دولْلِی" .. إسمٌ أنثویٌ جمیلٌ مدلَّلٌ ظل عالقاً فی الذاکرة، ولدت فی معهد روزلین (Roslin Institute) باسکتلندا فی 5/7/1996م وفارقت الحیاة فی 14/2/2003م، وستظل ماکثة فی الذاکرة العلمیة البشریة إسماً ورسماً ما طلعت شمس ودارت أرض، فدوللی التی دخلت الموسوعة العلمیة من أوسع أبوابها تشیر إلى النعجة (Dolly) التی قام باستنساخها أو استنسالها عام 1996م وأعلن عنها عام 1997م عالم البیولوجیا البریطانی رئیس مجلس الأبحاث الطبیة فی جامعة أدنبره (University of Edinburgh) السیر إیان ویلموت (Sir Ian Wilmut,) المولود سنة 1944م.

وقامت فکرة الاستنساخ (الإستنسال) على نزع خلیة (أ) من ضرع نعجة حامل ووضعها فی سبات عمیق ضمن عملیات مختبریة ثم تقریبها من خلیة مفرغة من نواتها من نعجة أخرى (ب)، وتعریضهما لذبذبات کهربائیة خفیفة أدت إلى تقبل الخلیة المفرغة (ب) لنواة الخلیة الأولى (أ) نتج عنها نواة دوللی المخصبة التی وضعت فی رحم نعجة بدیلة (ت)، فکانت دوللی هی نسخة للنعجة (أ)، أی أن الخلیة المفرَّغة باء کانت عبارة عن وعاء لنواة الخلیة ألف فیما کانت النعجة تاء الوسیط الحامل للخلیة المخصَّبة.

هذه العملیة المزدوجة من استنساخ واستئجار لرحم تودع فیها الخلیة المخصبة أثارت بلا شک العالم بدهشة وبخاصة لدى أتباع الأدیان السماویة کافة الذین ظنوا للوهلة الأولى أنهم أمام تحدٍ عقائدی قلَّ نظیره بوصف (دوللی) خلقاً جدیداً تعدى حدود الخالقیة المختصة بالله سبحانه وتعالى رب المخلوقات من عاقلة وغیر عاقلة.

ولأنَّ الحدث التاریخی کان قریباً منا، فإن العدد 11 من مجلة (الرأی الآخر) التی رأست تحریرها وصدر فی لندن فی  6/7/1997م، أی بعد فترة قصیرة من الإعلان عن الحدث، ضم قراءة فقهیة لموضوع الإستنساخ حمل العنوان التالی: (الإمام الشیرازی: الأصل فی استنساخ البشر الجواز) وفیها تفاصیل المسألة التی کان المرجع الإسلامی الراحل السید محمد الحسینی الشیرازی (1928- 2001مـ) قد أجاب فیها على مسائل فقهیة تقدمتُ بها إلى سماحته کاستفتاءات، وکان رحمه الله  قد تناولها من قبل فی مسائله المستحدثة فی مطلع سبعینات القرن العشرین المیلادی قبل أن تولد فکرة استنساخ دوللی فی ذهن الدکتور ایان ویلموت، ومن المفارقات أن العدد صفر من المجلة الصادر فی 15/8/1996م أی قبل الإعلان رسمیا عن ولادة دوللی حمل قراءة فقهیة عن استئجار الرحم وتفریعاتها بعنوان: (موقف الإسلام من استئجار الرحم) من تحریر الفقیه آیة الله الشیخ محمد صادق الکرباسی.

تذکرت هذا الحدث الذی کان لمجلة الرأی الآخر قصب السبق فی التعرض له وبیان الموقف الشرعی منه، وأنا أتصفح کتیب (شریعة الإستنساخ) للفقیه الکرباسی الصادر حدیثا (1433هـ- 2012م) عن بیت العلم للنابهین فی بیروت فی 56 صفحة من القطع الصغیر ضمَّ 116 مسألة فی الاستنساخ واستئجار الرحم والمسائل المتعلقة بهما، مع 37 تعلیقاً فقهیا للقاضی آیة الله الشیخ حسن رضا الغدیری.


إدراک الناموس

من المفروغ منه أنَّ کلَّ شیء خاضع لنوامیس الحیاة التی أودعها الله فی خلقه وفی الطبیعة، فبعضها ظاهرة یتعامل معها الإنسان ویدرکها وأخرى قائمة ولکنه غیر قادر على التوصل إلیها أو أن إدراکه لم یصل بعدُ إلى معرفة کنهها، ولهذا فالکثیر من التطورات العلمیة والإختراعات کان قبل اکتشافها من باب المستحیلات أو المعجزات بلسان أهل الإیمان، فلو أن إنساناً من القرن التاسع عشر المیلادی قام من رقدته واطلع على حیاتنا الیوم فإنه لاشک سیُکذِّب ما یراه ویذهب ذهنه إلى کوکب غیر کوکب الأرض الذی منه خُلق وإلیها یعود تارة أخرى ومنها یُنشر، وبالمقابل ونحن نعیش فی هذا القرن فإن أموراً أخرى ستتکشف فی المستقبل القریب والبعید لکن مدارکنا لم تستطع لمسها حتى الیوم بل وبعیدة عن مرکز تفکیرنا، وعملیة الاستنساخ تدخل فی الإطار نفسه فهی لیست خلقة جدیدة خارج دائرة الفطرة الإنسانیة وناموس الحیاة وإلا لما أمکن الإستنساخ أبداً، وفی قضیة النعجة دوللی فإن استنساخها جاء بعد ثلاثة تجارب استنساخ کاملة فاشلة، کما أن اختراع المصباح الکهربائی من قبل المخترع الأمیرکی توماس ألفا أدیسون (Thomas Alva Edison)(1847-1931م) تم بعد 99 تجربة فاشلة، فالتجارب وفشلها لا تعنى غیاب النوامیس والقوانین الموجودة أصلاً وإنما صعوبة الوصول إلیها فهی قائمة تتطلب المکتشف الحاذق، وهذه الحقیقة جرت مع کل التطورات العلمیة منذ أبینا آدم علیه السلام وستستمر حتى قیام الساعة، فلیس هناک خلق فی الاستنساخ، والروح إنما هی من الله، وحسب تعبیر الشیخ الغدیری فی مقدمته على (شریعة الإستنساخ)، أن: (أصل الصنع فیما یمکن للبشر تحققه فلا کلام فیه، وأما صیرورة ما صنعه موجوداً تاما ذات روح فهو لا یمکن إلا بإذن الله تعالى، "هُوَ الَّذِی یُصَوِّرُکُمْ فِی الأَرْحَامِ کَیْفَ یَشَاءُ" سورة آل عمران: 6) مستشهداً بقصة عیسى وآیاته إلى بنی إسرائیل:

(قدْ جِئْتُکُمْ بِآیَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ أَنِّی أَخْلُقُ لَکُمْ مِنْ الطِّینِ کَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَکُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَکْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْیِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ) آل عمران: 49،

فما أتی به عیسى(ع) لا یعارض قوانین الطبیعة ولکن کل شیء بإذن الله.

من هنا فإن الفقیه الکرباسی فی التمهید لا یستبعد أن تکون خلقة أمِّ البشریة حواء(ع) هی على طریقة استنساخ دوللی، بل وأنه یؤمن جازماً أن مثل هذا کان لابد وأن یحصل مادام قد حصل فی بدایة الخلیقة کما حصل فی النباتات فیما بعد، وبتعبیره: (ولکن الإنسان کان دائما یترقب هذا الترکیب فی الحیوانات والنباتات ویطوره بل ویأخذ بعین الإعتبار ما حصل فی خلقة آدم(ع) إذ أنه لم یُخلق من أب ولا من أم، وإلى حوّاء التی خُلقت من خلیة من خلایا آدم، وکذلک یقرأ عن النبی عیسى(ع) الذی خُلق من غیر أب، أی خُلق من خلیة واحدة دون الحاجة إلى خلیة أخرى مغایرة عنها..)، وهناک نماذج مشابهة أشار إلیها القرآن الکریم مثل ناقة صالح وفصیلها الذی وُلد من دون أب، فالمسألة لیست إعجازیة أو خارقة لنوامیس الطبیعة کما یفسرها العقل القاصر عن درک کنه النوامیس، وبتعبیر الفقیه الکرباسی: (فالإنسان أمام هذا الواقع المعاش لا یجد حرجا من الإقدام على ما یحتاجه بعد خلق کل شیء فی هذه الحیاة مسخراً له کما تنص الآیات والروایات، وما علیه إلا اکتشاف قوانینها بالجدِّ والإجتهاد لینفذ إلیها بالقوة المناسبة لها)، ولیس هذا من التغییر فی خلق الله المحرَّم کما یذهب إلیه البعض، فمن جانب: (وجدنا أنه سبحانه قد استخدم مثل هذا فی مخلوقاته بل هو تأکید على خلقة الله وقوانینه) ومن جانب آخر: (واعترافا بأن الله سبحانه وتعالى قد سنَّ هذه القوانین فی مخلوقاته وفتح المجال أمام الإنسان بالذات من البحث عنها والتوصل إلى ما یسعده)، فالإستنساخ آیة من آیات الله: (تدل على أنه واحد، یثبتها الله سبحانه للإنسان یوماً بعد یوم کی یزداد إیماناً، ولا یُعد الإستنساخ خلقاً من العدم کما تصوَّره البعض، ولذلک حرَّمه، بل هو خلق من موجود).


إستنسال وأحکام

والبحث فی مسألة الاستنساخ أو الاستنسال على غایة من الأهمیة فی مجال الفقه بخاصة الإنسان واستنساخه، لما یترتب على الخلیة المخصبة والرحم المستأجر والإنسان المستنسخ، من أحکام شرعیة فیما یتعلق بالنسب والعلقة الإجتماعیة والأسریة والمواریث وغیرها، فلازمة: (المعاییر فی الحلِّیة والحُرمة فی الاستنساخ العلمی أو العادی فی الإنسان أن لا یکون بین المحارم کالأب والأم وما علا، والأخ والأخت وما نزل، والعمَّة والعم وما علا، والخال والخالة وما علا، والأبناء والبنات وما نزلوا، وبین أب وأم الزوجة أو أب وأم الزوج وهکذا) کما أنه: (یختلف حکم الإستنساخ العلمی والعادی، وکذلک بین خلیّتین أو خلیة واحدة، وأیضا بالنسبة إلى النبات والحیوان والإنسان).

ولیست عملیة الإستنساخ کیفیة مزاجیة وإنما لابد أن تکون ضمن ضوابط وحاجات ملحَّة، فینبغی: (أن لا یوجب الهلاک أو التشویه أو أی نقص فی الخِلقة)، و: (أن تکون هناک ضرورة أو حاجة إلى ذلک)، و: (أن یتم برضا الطرفین ثم مَن یتعلق به الرحم للنمو)، و: (أن لا یتحول إلى عُرف عام ویُعتمد علیه کبدیل عن الزواج)، و: (أن لا یوجب مفسدة أخلاقیة أو تعقیداً فی الحیاة الاجتماعیة أو الجنائیة أو ما شابه ذلک، وذلک بالحکم الثانوی) ثم إنَّ: (الأحوط أن یتم بإذن حاکم الشرع لتشخیص موارد الحلیة والحرمة) لکن الغدیری فی المسألة الأخیرة لا یرى لزوم الإذن إذ: (لا دخل لحاکم الشرع فی الباب فإذا تمت الشروط فلا بأس فیه، وهذا لیس من موارد تلزم إذنه)، وکما أنه لا ینبغی استنساخ الظالمین وأصحاب العاهات وعدیمی الأخلاق ویجوز العکس کما یقرر الکرباسی، فإنه یؤکد على طارئیة الإستنساخ لظروف خاصة، إذ: (لا یجوز تحویل الولادة والتکاثر بشکل عام من التزاوج إلى هذا النوع من التکاثر والولادة، وإنما یجوز بأصله دون التغییر إلى قاعدة تُتَّبع أو أسلوب یُعتمد علیه).

ولأنَّ الإستنساخ بحاجة إلى رحم لنمو الخلیة المخصبة، فإن مسائل شرعیة أخرى تتعلق بالرحم على فرض استئجاره، ولعلّ فی أولها أصل عملیة الإستئجار، إذ: (لا إشکال بتأجیر رحم امرأة خلیّة وبإذنها لوضع حیمن الرجل الملقَّح ببویضة زوجته، سواء فی مقابل مال أو مجاناً)، على أنَّ المهم فی المسألة أن: (المرأة المؤجَّرة لرحمها لا تکون أمًّا للولید بل أبوه صاحب الحیمن وأمُّه صاحبة البویضة)، کما: (لا إشکال بتأجیر رحم امرأة متزوجة لوضع حیمن رجل ملقَّح ببویضة زوجته الشرعیة، شرط إذن زوج صاحبة الرحم على الأقوى)، مع تفریعات کثیرة ودقیقة لأهمیة صیانة الجنین وهو فی الرحم المستأجر إن کانت الخلیة المخصبة مستنسخة مختبریا أو تم تخصیبها علمیا من حیمن وبویضة، کما یجب فی الإستنساخ مراعاة الجانب النَسَبی والأخلاقی وغیرهما، إذ: (لا یجوز التلاقح بین خلیَّتی رجلین، ولا بین امرأتین، ولا بین محرَّمین، کالأخ والأخت، وحکمه حکم النکاح المثلی والزنى بالمحارم من حیث أحکام النسب والإرث والمحرمیة)، من ناحیة أخرى: (لا یجوز الإستنساخ من خلیة المیت إن أمکن ذلک لأنه بحاجة إلى رضایته الشخصیة ولا یکفی رضایة ورثته)، نعم إذا کان للمیت زوجة فالأمر فیه کلام آخر ذلک أنه: (فی التلقیح بین خلیة المیت وزوجته الحیّة والتی لم تتزوج بعده، فالأقرب جواز ذلک، ولا فرق بین انقضاء العدّة أو عدم انقضائها) ویرى الفقیه الغدیری شرطاً آخر لإکمال عملیة الإستنساخ هذه وهو: (شرط أن یکون قد وصّى بذلک، وإلاّ فیحرم).

من الطبیعی أن المقالة هذه لیست محلاً لاستعراض مسائل الإستنساخ التی تناولها الکتیب، ولکن اعتقد أن کل مسألة منها تفتح فی الذهن تساؤلات أخرى قریبة أو بعیدة منها، وهی تفریعات تعاطاها الفقیه الشیخ محمد صادق الکرباسی بشیء من الدقة تکشف عن قرب الفقه الإسلامی من التطورات العلمیة ووقوف الفقیه الضلیع على مسار الحیاة الیومیة، وهذه المهمة فی واقع الأمر مسؤولیة کبرى تقع على عاتق الفقیه الخبیر العالم بزمانه والمواکب للحدث، وأن یکون کتاباً مفتوحاً لکل ما یدور فی العقل وأن لا یترک الأمة هملاً تتلاعب بها الأفکار یمیناً وشمالاً.

Date insert: الثلاثاء, 15 أيار/مايو 2012 15:36
 
JoomlArt.ir JoomlArt.ir JoomlArt.ir

أنت هنا

Home مكتبة آل الكرباسي

كتب من المكتبة

محمد صادق بن محمد بن أبي تراب (علي) الكرباسي

الخطابة

   قراءة في كتاب (الخط...

المجموعة: متنوعة

محمد ابراهیم بن محمد حسن الكرباسی (1180-1261) هـ

نخبة الأحاديث في الوصايا وا...

المجموعة: الرجال والتراجم

محمد بن أبي تراب (علي) الكرباسي

خاندان كلباسي

خاندان كلباسي شرح احوال فقي...

المجموعة: الرجال والتراجم